كلما سقط شهيد زاد الإصرار على الثأر، وتطهير البلاد مِن أقذر مَن أنجبت البشرية، ما ذنب زوجة العقيد ياسر ورفاقه الذين استشهدوا الأسبوع الماضى، وتركوا لأسرهم حزنًا لا ينسى، ودموعًا لا تجف.. شباب أجمل من زهور الربيع المتفتحة، يغتالهم إرهابى خسيس تنطق صورة جثته المنشورة بالقبح والقذارة، فذهب الخائن إلى قبره بالخزى والعار، وودعنا شهداءنا الأبرار بالمجد والفخر، استشهدوا من أجل أن نعيش، وأن تبقى بلادهم حرة وعزيزة وكريمة، رايتها مرفوعة فى السماء، وأرضها مقبرة للإرهاب.
بأى ذنب قتل العقيد ياسر ورفاقه الأبرار، وعشرات الشبان وهم يدافعون عن بلادهم، ضد أعداء يزعمون أنهم مسلمون، وهم أشد وبالًا على الإسلام من الكفار، لم يقتلوا عدوًا يحتل بلادهم، ولم يوجهوا أسلحتهم ضد من يهدد أوطانهم، لكنهم يقتلون مصطفى ومحمد وأحمد وعلى وإبراهيم، ضباطًا وجنودًا فى ريعان شبابهم، مسلمين ويشهدون أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويصومون ويصلون، وبعضهم عائد لتوه من أداء العمرة.. وهل يتم مسح مخاخ الإرهابيين لدرجة العدم؟، وعن أى مصالحة يتحدث المنافقون، بينما الذئاب المتوحشة تقتل وتحرق وتسفك الدماء وتزهق الأرواح؟
لن تسلم مصر، ولن تمضى إلى المستقبل بأمان، إلا إذا تطهرت من فكر الإرهاب، فالقاتل ليس فقط من يدوس على الزناد، لكنه أيضًا من يعبئ عقول الإرهابين بأفكار ومعتقدات أخطر من الديناميت والمولوتوف والمتفجرات، فيتحولون إلى دمى قاتلة كالتى نشاهدها فى أفلام الرعب، بعد أن مُسحت عقولهم وأُغشيت قلوبهم.
لا يكفى أن يلتزم علماء الدين بالحكمة والموعظة الحسنة، بل أن يشاركوا بجدية وفاعلية فى معركة تطهير العقول، وتحصين من لم يقعوا فى الشرك، والأمر يتطلب ثورة دينية، رغم أننى لا أحب هذا التعبير، ولكن من ينزل إلى القرى والنجوع والأماكن النائية، سوف يكتشف مأساة حقيقية، حيث تنتشر أفكار التطرف والتكفير، وإنتاج مزيد من الإرهابيين، مثل الذين يقتلون شهداءنا الأبرار، ويعتقدون أن ذلك جهاد فى سبيل الله.
أهالى الشهداء يتسلحون بالقرآن والصبر والدعاء، رغم الحزن والألم ولوعة الفراق، وزوجات الشهداء أمهات مصريات مثل سائر أخواتنا، محجبة وبسيطة، وفى وجهها علامة الصلاة، وتقول «الحمد لله، ربنا يصبرنى»، فى مواجهة أكبر محنة يمكن أن يواجهها إنسان.. القرآن، القرآن دواء القلوب، وسراج العقول، وطريق الهداية، وربنا يصبرك صبرًا جميلًا، فقد أقسم رجالنا الأبطال على أن دماء زملائهم لن تضيع هباء.